نفحات عطرة -الغوص في أعماق القرآن (شرح . الحمد لله ) 1

باسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه و سلم

و بعد
احبتي أهدي لكم هذه النفحة العطرة الأولى التي أرجو من الله أن تعود علي و عليكم بالفائدة
فكما أخذتني و غاصت بي في أعماق بحار القرآن الكريم أرجو ان تلحقوا بي هنالك حيث الزمرد و المرجان و كل ما يسر العين و يطيب الخاطر
قررت أن تكون هذه أول نفحة عطرة فإن إستحسنتموها جعلتها بإذن الله سلسلة طويلة الأمد نطلع من خلالها على خبايا القرآن الكريم وإن لم ترق لكم نجد غيرها بإذن الله تعالى

و رحم الله الشيخ الشعراوي المقتبسة من كلامه
أول نفحة إن شاء الله تعالى سوف نشم عطرها من كلمة (الحمد لله)
الحمد لله- هو الشعار الذي أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم في خير الكلام (سبحان الله و الحمد لله )فسبحان الله تنزيه لذاته سبحانه على الشرك لا في الذات و لا في الأفعال و لا في الصفات و اما الحمد الذي هو أساس هذا الموضوع امره غريب
فكل حمد في القرآن الكريم له حيثية خاصة به
فنجد :باسم الله الرحمان الرحيم (الحمد لله رب العالمين) أي أنه لا يكون الحمد إلا لله رب العالمين أي انه الخالق و متولي التربية خلق من عدم و تولى تربية عباده لذلك وجب حمده لأنه الخالق المربي
ونجد :باسم الله الرحمان الرحيم (الحمد لله الذي خلق السماوات و الأرض وجعل الظلمات والنور) هذه آيات من آياته سبحانه فالسماوات والأرض فيها قيام البشر كله بما يمد حياتهم بما يقيتهم و يستبقي نوعهم و اما الظلمات و النور خلقها لنا نعمة متقابلة لكي لا نفهم ان الأشياء المتقابلة متصادمة أو مضادة بل أنها متكاملة فلكل من الليل و النهار خاصية مضادة لخاصية الآخر ولكن احدهما مكمل للآخر
ولكن و حتى هذه اللحظة نستشف تربية الله لنا من الناحية المادية فلرب قائل يقول (أين التربية الروحية ؟)
مهلا فالحمد التالي سيجيب على هذا التساؤل
و اما هذا الحمد فنجده في قوله تعالى :باسم الله الرحمان الرحيم (الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب)و الكتاب هو الذي يجمع كل القيم لذلك فحيثيته هنا روحية محضة و هنا تتجلى لنا رحمانية الله تعالى بوضوح حيث ان الله تعالى وضع المنهج لنا قبل خلقنا -باسم الله الرحمان الرحيم(الرحمان ,علم القرآن,خلق الإنسان علمه البيان)نلاحظ هنا تعليم القرآن قبل خلق الإنسان إذا و كأن الله يقول لنا إعلموا أن الكتاب هو المهمة الأساسية التي يجب أن توظفوا أنفسكم لخدمتها
إذا فحيثية هذا الحمد هي الشكر لله على إنزال قرآنه على النبي صلى الله عليه وسلم و جعله دستورا لنقتدي به
و الآن و بعد التعرض لبعض انواع الحمد في القرآن الكريم يجب تفسير كلمة (الحمد)
فالحمد يحمل معاني كثيرة كالشكر و الثناء أو المدح أو ما إلى ذلك إلا ان هذه الكلمات وإن تقاربت فلكل منها معنى خاص بها و كلها تحمل الثناء في طياتها
فالشكر مثلا يكون من منعم عليه لمنعم على نعمة خاصة
و المدح قد يكون لشيء لا ينفعك و لا يضرك كأن تمدح الجمال مثلا أو الحسن
و اما الحمد لله فإننا نرى كلمة الحمد جاءت معرفة مما يدل على ان الحمد الكامل لله وحده لا لسواه حتى وإن حمدت انت إنسانا حمدا جزئيا على معروف قدمه لك فإن سلسلة حمدك ذاك تعود لله أردت ام أبيت لأنك حمدته على معروف و المعروف الذي قدمه لك وليد حركته في هذه الحياة و حركته نعمة من الله عليه إذا فحمدك لا يلبث أن يعود للأصل و هو الله الخالق لكل شيء
و الحمد لله هذه هي الصيغة التي علمنا الله تعالى أن نحمده بها و لو لم يعلمنها الله تعالى و أردنا حمده و الثناء عليه لإختلف الخلق كلهم في طريقة الحمد ,فالمتعلم سيحمد بطريقة و الجاهل بأخرى و الغني بثالثة و الفقير بعكس ذلك كل سيحمده تعالى حسب قدرته على الأداء و حسب قدرته على إستيعاب النعم
فلذلك تحمل الله تعالى عنا عناء إختيار صيغة الحمد فحددها لنا في (الحمد لله) فتساوى الجميع في كلمة الحمد لله الغني و الفقير و المتعلم و الجاهل و العربي و العجمي نعم الم تسمعوا بالعجم المسلمين المتكلمين بلغاتهم فإذا جاء مقام للحمد يفاجؤ السامع بلفظة الحمد لله باللغة العربية و لذلك يقول الرسول الكريم صلوات الله عليه و سلامه (سبحانك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك)-فيما معناه -و الله تعالى قد اثنى على نفسه بكلمة (الحمد لله)
إذا فتعليمنا صيغة الحمد في حد ذاتها نعمة كبرى تستحق منا عليها الحمد له تعالى
فيصبح القول الحمد لله على ما علمنا من الحمد لله فتجد الحمد لله الثانية نعمة ثانية
فيصبح القول الحمد لله على ما علمنا من الحمد لله على ما علمنا من الحمد لله
فتتسلسل القصة فيصبح الحمد لا نهاية له
فحمد على حمد على حمد على حمد ....إذا فسيظل الله تعالى محمودا ويظل العبد حامدا
و السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته

و إلى الملتقى إن شاء الله تعالى مع نفحة أخرى

مشكوووووووووووووور

جـــــــــــزاكــ الله كل خيــــــــر